بموت عائل الأسرة ... يمر بتفاصيله الثقيلة ..دوماً فى مخيلة الطفل إن كان قد أدركها ووعاها..يسأل عن أبيه فترد عليه الأرملة فى صوت كسير حزين..إن أباك قد مات.. أبوك عاد إلى ربه ..وتنهمر الدموع من عينيها فى صمت ...ويسمع اليتيم الصغير الرد من أمه ولا يعي أبعاد ما تقول..وينتقل إلى كيانه حزنها وانكسارها..فتظهر على قسمات وجهه مسحة الأسى، ويتجلى فى عينيه حزن صامت: " أنا لست كهؤلاء الأطفال..الأطفال من حولي لهم آباء.. يحضرون لهم كل شيء.. وأنا قابع أمام باب داري أنظر إليهم.".. أخي المسلم .. من منا لا تمر هذه الصورة فى ذهنه فلا ينفطر قلبه !! ويتمنى أن يضع ما عنده كله تحت أقدام هذا اليتيم ؟؟ الإحسان إلى اليتيم من أعظم الأعمال التى يتقرب بها العبد إلى الله عز وجل، وهو باب من أبواب الرحمة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: " أنا وكافل اليتيم فى الجنة كهاتين " ، وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى وفرج بينهما ، وأن من كفل يتيمًا لا يبغى من وراء ذلك إلا وجه الله فليس له من جزاء إلا الجنة رفيقًا للرسول الكريم. وقال صلى الله عليه وسلم : " إن اليتيم إذا بكى اهتز عرش الرحمن لبكائه، فيقول الله تعالى: يا ملائكتي من أبكى الذي غيبت أباه فى التراب؟ -وهو أعلم به- فتقول الملائكة ربنا لا علم لنا، فيقول الله عز وجل: فإني أشهدكم أن من أرضاه في فإني أرضيه من عندي يوم القيامة " ( ذكره القرطبي عن ابن عمر ). ومع هذا الأجر العظيم في الآخرة يربط الله عز وجل بين سعة الرزق في الدنيا وإكرام اليتيم وبين ضيق العيش وإهانة اليتيم كما قال تعالى : " وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ كَلَّا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ " (الفجر:16، 17) . لذلك، كان من أعظم المشروعات الاجتماعية التى نفذتها الجمعية الشرعية وأخطرها أثرًا (مشروع كفالة الطفل اليتيم) ، وينسحب أثره على الطفل اليتيم وعلى أسرته وعلى المجتمع بأسره، لأن سد حاجات الطفل المادية والنفسية عن طريق المشرفين بالمسجد وعن طريق الكافل يعوضه عن إحساسه بفقد أبيه ، فيصبح عضوا بناءً فى مجتمعه لا حاقدًا ولا مبغضًا. والأرملة التى توفى عنها زوجها تصاب بالهلع لفقده ، ويزيد من هلعها وخوفها من المستقبل تفكيرها فى أطفالها الصغار وكيف تعبر بهم جسر الحياة الضيق أمامها بلا سند ولا معين. لذلك كان الساعي لسد حاجات هذه الأرملة كالمجاهد فى سبيل الله