وإذا كان من سنة الله أن كل الأمم تموت وتندثر ، فإن من سننه كذلك أن أمة الإسلام لها طبيعة مغايرة.. إنها ما سقطت إلا وكان لها بعد السقوط قيام، وما ضعفت إلا وكان لها بعد الضعف قوة، وما ذلت إلا وكان لها بعد الذل عزة!!.
لماذا؟!
لأن طبيعة أمة الإسلام أنها أمة شاهدة على غيرها من الأمم "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً ، لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً".. حتى الأمم الغابرة - قبل أمة الإسلام - نشهد عليها بما جاء في كتابنا القرآن ، والأمم المعاصرة نشهد عليها بما رأيناه بأعيننا، وقومناه بمنهجنا وأحكامنا وشرعنا، وسنظل نشهد على الأمم إلى يوم القيامة، فنحن باقون ما دامت الحياة ، وغيرنا لا شك مندثر وذاهب.
طبيعة هذه الأمة أنها تحمل الرسالة الخاتمة، والكلمة الأخيرة من الله إلى خلقه، وليس هناك رسول بعد رسولنا صلي الله عليه وسلم ، وليست هناك رسالة بعد الإسلام، فلابد وأن يحفظ الله المسلمين لأجل أهل الأرض جميعاً.
طبيعة هذه الأمة أنها الأمة الوحيدة التي كان من همها أن تعلم غيرها دون ثمن ولا أجر، بل قد يدفع المعلمون المسلمون مالاً، ويبذلون جهدا وعرقاً ووقتاً بل ونفساً حتى يعلموا غيرهم. َمن ِمن الأمم يفعل ذلك غير أمة الإسلام؟! ألم تكن الشعوب تغير علي الشعوب لتـأخذ خيرها، وتنهب أرضها، وتقتل أهلها، بينما كان المسلمون يضحون بأرواحهم ليستنقذوا الناس من جحيم الكفر والضلال إلى جنة الإيمان والهدي؟ ألم يقل ربعي بن عامر رضي الله عنه قولاً ما تكرر في التاريخ على ألسنة المتحضرين من الأمم غير أمة الإسلام يوضح فيه الرسالة الإسلامية بإيجاز فيقول" لقد ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلي عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة".. هكذا..لا نريد منكم جزاءاً ولا شكوراً..
هذه هي طبيعة الأمة الإسلامية.. بقاؤها هو خير الأرض، وذهابها فناء الأرض "كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله"..
إذا كانت هذه هي طبيعة الأمة الإسلامية ، فلماذا الإحباط واليأس ؟..