د. أبو محمد الموسوي ـ طهران : قنبلتين يدويتين سطرتا رسالة واضحة المعالم على بناية القنصلية السعودية في كراتشي من قبل السلطات الإيرانية في يوم الأربعاء الموافق 11/ 5 / 2011 م مفادها؛ إن شئنا فبمقدورنا أن نضيق الأرض عليكم بما رحبت، فعملائنا يتحركون بمجرد إشارة !
لم تعي السعودية هذه الرسالة، فجاءت الصفعة أكثر شراسة وذلك في يوم الإثنين الموافق 16/5/2011م حيث سطرت رصاصات غادرة نفس الرسالة لكن هذه المرة على صدر "حسن القحطاني" رجل الأمن والدبلوماسي السعودي في هذه المدينة المكتظة التي يتجاوز سكانها العشرين مليونا!..
ارتبكت الجالية السعودية في باكستان أشد إرتباك، و تصرفت على ما يحلو للقاتل، وجعلته تشمت بهم و تصدر قهقهات عالية و تعد لإكمال المسيرة وطرد السعوديين من جميع بلاد الأرض، و نفيهم إلى وراء حدود المملكة!!..
بقرار عشوائي غير حكيم اغلقت المدرسة السعودية في العاصمة، و فروعها، و ترحيل الأساتذة ومغادرة كثير من الأسرة السعودية باكستان في لمحة بصر أو أقرب! و كأن الدنيا انتهت و قامت قيامتهم!!..
و تعتبر باكستان بالنسبة للسعودية أكثر من حليف، فهي التي تقف معها في الأزمات، فالجندي الباكستاني لم يقاتل قط خارج حدوده إلا لما شعرت السعودية بالخطر؛ على ضفاف البحرين أو على حدود الحوثيين أو حتى في داخل الحرم المكي للقضاء على الجهيمانين وغيرهم...
لم أر سياسيا و لا عسكريا و لا مفكرا إسلاميا كان أو وطنيا إلا و وسم هذه الحركة العشوائية أو الهروب الصامت بالسذاجة و رماه بقرار الجبان، و رأى فيه قبولا للذل و بداية للنهاية!
و كنت قد رأيت بداية النهاية يوم أن من الله علي زيارة بيته، فرأيت فجر أفول السعودية في تعامل موظفي مطار جدة مع القادمين إلى هذا البلد، ثم اتضحت لي الصورة أكثر عندما احتككت مع حياة غير السعوديين في المملكة، و يومها صرخت عاليا عسى أن يسمعني من يهمه الأمر: النهاية قد اقتربت فاستيقظوا!..
لكن يبدوا صدى صوتي لم يجد آذانا صاغية فعادت إلي لأعيد الصرخة كرة أخرى عسى أن أساهم في إطفاء نار فتنة أراها وشيكة!
وكأنني أرى من وراء الأيام مؤامرة تحاك في هذه المنطقة. فالجناح الصفوي في إيران تعطش حربا و ترى فيها حياته إذ نبذه المجتمع الإيراني عن بكرة أبيه و في الحرب قد تعود المياه إلى تلك المجاري التي يريدها الصفويون.
والغرب يريد حربا، لينهب من خلالها ثروات هذه البلاد بلا ثمن، و يبيع سلاحا، لندمر نحن بلادنا و نقتل إخواننا و نهلك الحرث والنسل، ثم نركع للغربي أن يبني بلادنا و يطعمنا من بقايا طعامه و يشربنا من فضل مائه لنقدم له الأرض والعرض...
وكذلك الحقد النصراني يريد حربا، ليشوه صورة الإسلام أكثر، فقد أخذت شمس الإسلام تشرق في الغرب، فلو عاد المسلمون إلى عصر ملوك الطوائف، وعاد دينهم إلى التكفير والطائفية والتناحر فيصبحون كالنار تأكل بعضها بعضا إن لم تجد ما تأكله!..
لا أدعو إلى التشاؤم ولكن أحب أن أعطي للأسباب حجمها، وأتصور بأن زمن المعجزات قد ولى، فلابد من احترام العقل والحنكة والتخطيط!
كانت إيران تحارب العراق في جبهة، وفي جبهة أخرى تجلب عناصر من المعارضة العراقية و تربيهم كـ كوادر للمستقبل! كان اللاجئ العراقي يعيش في إيران عيشة يحسده المواطن الإيراني!
وكذلك فعلت مع الأفغان واللبنانيين و الباكستانيين و العرب والأفارقة وغيرهم... و اليوم تستطيع إيران أن تحدث فتنة وحربا أينما شاءت بمجرد إشارة بلهاء من الولي الفقيه!
الإيرانييون كلهم مقاتلون!.. فكل شاب يبلغ العشرين أو يكمل دراسته لابد وأن يلتحق بالجيش لمدة عامين يتدرب على شتى فنون القتال و استعمال الأسلحة النارية!
و نفس السياسة طبقتها على عملائها الذين يجنون لها المستقبل! فقد دربت شباب الشيعة الذين اشترتهم و حزبتهم بأموال نفطها في أنحاء العالم في معسكرات خاصة في إيران ولبنان و العراق و سورية و أفغانستان واليمن و بعض البلاد الإفريقية!
فلو عدت إلى سجلات شباب الشيعة في السعودية والخليج و غيرها لابد و أن ترى رحلة عسكرية إلى معسكر ما!..
أدى اللوبي الصفوي دوره في إثارة الفتن و الثورات المصطنعة لاحتكام ظروف الضغط على الأقليات الشيعية، وبالتالي سقطت الحكومات في الشراك وأصبح الشيعة لا يرون لهم قبلة إلا إيران! ذابت روح الوطنية وحتى العروبة لدى شيعة العرب و صاروا يرون في إيران قبلة ومأوى و نجاة لهم!..
فيا ترى، ماذا فعلت الدول العربية برمتها؟!..
كيف تعاملت مع الشعوب الأخرى؟!.. على ماذا ربت شبابها و شعبها؟!.. أين وضعت عقيدتها؟!..
إيران تحارب العرب بعقيدة وهمية و بخرافة مضحكة لا يمكن أن يرضخ لها عقل سليم! و كانت البلاد العربية تحارب اسلامها و عقيدتها التي شرفها الله بها و كانت خير حصن لها، لو أدركت ذلك حكامها!..
والآن تكاد تنجح الخرافة، لأن حكام العرب مهدوا السبيل لها بقتل العقل ومصادرة التفكير و ذبح الهمم و الشعوب على ضفاف الأهواء و المطامع!
لكن...
يقول المثل الفارسي: متى ما صدت السمكة فهي طازجة!
إن عادت البلاد العربية وحكامها إلى رشدهم و راجعوا حساباتهم فقد يدركون شيئا مما فاتهم!..
لابد وأن تعي الإدارات العربية بأن الشعوب؛ هم مستقبلها و حياتها و رمز بقاءها، والعمالة لا تجدي شيئا بعد اليوم!
فلابد من إعادة صياغة الشاب العربي، برفع مستوى توعيته، و تربيته على الحياة و صناعته لبناء المستقبل، و إخراجه من وحل الرقص والأوهام و الدونية إلى حيث همة المؤمن و شموخه و عزه.
لابد من إعادة النظر في البرامج التربوية والتعليمية والتأهيلية في المجتمعات العربية.
ولابد من التفكير في التجنيد الإجباري ضمن برامج تأهيلية تدرب الشاب على خوض غمار الحياة والصبر على مرها و صناعة المستقبل.
ولابد للعرب من وزارة دفاع مشتركة و جيش موحد، ووزارتي نفط و خارجية موحدة..
تبدوا الأيام القادمة حبلى بما لا يحلو لحكام المنطقة، وبما ليست بمصلحة البلاد والعباد..
هذه صرخة مدوية أصرخها من أعماق وجداني الجريح على الواقع المؤلم عسى أن تجد آذانا صاغية، فلنتكاتف جميعا إلى إطفاء نار الفتنة..
من أجلنا... ومن أجل بلادنا... و من أجل الأجيال القادمة..