" ان مصر قادت الشرق الأوسط 40 سنة وهذه هى النتيجة ، واذا تركتكم إسرائيل تقود ولو عشر سنوات فسوف ترون "
هذا ما قاله بيريز لبعض رجال الأعمال العرب فى احد اللقاءات الجانبية فى مؤتمر الدار البيضاء عام 1994 وفقا لما ورد في كتاب سلام الأوهام لمحمد حسنين هيكل .
* * *
حينها ، اتهم البعض بيريز بالبلاهة ، فكيف يمكن ان يخطر بباله أمرا كهذا ، كيف يجرؤ على تخيل ان العرب مهما كانت سوءاتهم يمكن ان يعطوا راية القيادة لعدوهم اللدود والمعتدى الأول على اوطانهم وشعوبهم على امتداد قرن من الزمان.
* * *
ولكن للأسف الشديد ، لم يكن بيريز بأبله على الإطلاق ، فطلبه تحقق وأوامره نفذت .
فبعيدا عن التصريحات الدبلوماسية العربية الكثيرة حول حقوق الشعب الفلسطينى ودولته المستقلة ، وبعيدا عن الشكليات والبروتوكولات الدائرة على السطح فى وزارات الخارجية العربية و الجامعة العربية ، و لو قمنا بالتمعن قليلا فى أحوالنا فنكتشف بيسر وسهولة وبدون فلسفة ان معظم أنظمتنا العربية الحالية تسير على الدرب الذى أسسه الصهاينة فى المنطقة :
• فالجميع الآن يبايع الولايات المتحدة الأمريكية قائدا وحيدا للعالم وللمنطقة ، ويتحالف معها او يسعى الى ذلك .
• والجميع الآن يتبنون الموقف العقائدى الصهيونى من ارض فلسطين ، وهو الموقف الذى ينطلق من انها أرض اليهود التاريخية ووطنهم القومى ، فلقد اعترفوا جميعا بـ (اسرائيل) او فى سبيلهم الى ذلك
• والجميع تاب وأناب واعترف بحقيقة التفوق العسكري للكيان الصهيوني ، وقرروا انهم لن يحاربوها مرة أخرى مهما حدث ، وان حرب 1973 كانت آخر الحروب .
• والجميع التزم صراحة او ضمنيا بقاعدة ان امن اسرائيل هو قدس الاقداس ، ممنوع الاقتراب ممنوع اللمس
• والجميع ينسق امنيا مع الصهاينة بدرجة أو بأخرى .
• والجميع شارك على امتداد 40 عاما فى حصار ووأد المقاومة المسلحة للعدو الصهيونى بدءا بأيلول الاسود 1970 وتل الزعتر 1975 و طرد القوات الفلسطينية من لبنان 1982 ، والعدوان المتكرر على فلسطين ولبنان ، وحصار غزة 2007ـ 2010 والعدوان عليها 2008ـ2009
• والجميع مارس ضغوط هائلة على القيادات الفلسطينية المختلفة للتنازل عن 78 % من وطنهم والقاء السلاح والكف عن المقاومة والتفاوض مع العدو على 22 % فقط من فلسطين هى الضفة وغزة .
• وجميعهم اعتمدوا صراحة او ضمنا التعريف والتفسير الامريكى الصهيونى للإرهاب ، واعتبار المقاومة إرهابا ، فامتنعوا عن دعمها باى شكل من الأشكال بدافع الخوف والمصالح .
• والجميع قبلوا صاغرين إعادة تشكيل المنطقة على الطريقة الأمريكية الغربية الصهيونية فى العراق والسودان وإيران وغيرها .
• اما عن التطبيع العربى الصهيونى ، فانه قائم على قدم وساق بشكل علنى فى مصر والاردن والضفة الغربية والعراق المحتل وقطر وتونس والمغرب وجنوب السودان ، وفى اقطار اخرى يمارس سرا .
• وغيره الكثير .
* * *
خلاصة القول ان أنظمتنا العربية المصونة سلمت القيادة العامة للأمريكان والقيادة الإقليمية للصهاينة ، وقرأوا الفاتحة على ذلك .
وماتوا واندفنوا كقوى داعمة لقضايانا القومية .
والبقية والبركة في حياتكم و حياة الشعوب وقواها الوطنية .
* * * * *